كيف تَجْتَذِبُ الأصدقاء
• إذا أردت صديقًا متميزًا فعليك أن تتحلى بصفات الرجولة والكرم.
• أخلص النية لله يكفك العمل القليل، وابدأ بالأكثر تميُّزًا ممَّن تعرف.
• التعارف والاختيار والتقارب، ثلاث مراحل لتكوين الصداقة القوية.
• ابدأ بصاحب الذهن الخالي، ولا تجهد نفسك مع صاحب الفكر المتجمد.
• عليك بالدعاء والهدية والزيارة ودعوته للطعام وقضاء حاجته.
يُعَد موضوع الصديق، وكيفية اختياره من الموضوعات المهمة في حياة الإنسان لا سيما الشباب، وتكمن أهمية التآلف والتحاب مع الآخرين في أنه مطلب شرعيٌّ؛ إذ ورد في الأثر- ما يحث على التواصل مع الآخرين-، فيقول: "المُؤْمِنُ إلْفٌ ألِيفٌ"؛ ولأن التواصل مع الآخرين مطلبٌ واقعيٌ تقتضيه طبيعة الحياة، فالإنسان كائنٌ اجتماعيٌّ لا يعيش بمعزل عن الناس، وله حاجات لا يستطيع بمفرده أن يشبعها، كما أنه في حاجة دائمة إلى من يركن إليهم فيرشدونه وينصحونه، يقول تعالى) ﴿وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ* وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (سورة العصر:1-4)، ويقول تعالى أيضًا(﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة:71
من فوائد التواصل
التواصل مع الآخرين له فوائد عدة منها:
- يدفع الشاب للتحصيل والتزود.
- يكسب الشاب مهارات الانفتاح والتدرج.
من هنا كان لزامًا على الشاب المسلم التدقيق في عملية اختيار الصديق، وفي بداية رحلة البحث عن صديق أوجه اليك- أخي الحبيب- كلامي، وأنصحك بألا تطلب شيئًا وأنت لست أهلاً له بمعنى أنك تريد صديقًا متميزًا ووفيًا متحليًا بالأخلاق الكريمة، من ثم يجب عليك أنت أن تتحلى ببعض الصفات المهمة التي تعينك على اختيار هذا الصديق، وتنقسم هذه الصفات إلى نوعين من الصفات التي يجب أن تتحلى بها:
أولاً: صفات أساسية
- راقب قلبك واجعله دائمًا مع ربك.
- أخلص النية لله يكفك العمل القليل.
- أصلح نفسك على قدر ما تستطيع.
- خالط الناس وكُن شامة يُشار إليها بالبنان.
ثانيًا: الصفات الشخصية
- العناية بالمظهر.
- اللياقة والذوق.
- التطبيق العملي للأفكار.
- البساطة والمرح.
- الاعتماد على النفس.
هيا بنا ننطلق في رحلة البحث عن صديق متميز، ونبدأ هذه الرحلة بالتعارف.
التعارف
تعرَّف إلى مَن تلقاه من الناس؛ فالإسلام دعوة حب وتعارف، فليس من المتصور أن تبحث عن صديق دون أن تكوِّن قاعدةً من التعارف تختار منها مَنْ يَصْلُح لأن يكون لك صديقًا، فإنك في هذه المرحلة تتعارف إلى الناس وطباعهم وأمزجتهم وطاقاتهم وقدراتهم ومواهبهم، إن التعارف هو الخطوة الأولى في بداية تعاملك مع الناس، وإليك بعض النصائح في هذه المرحلة التي عليك أن تتبعها:
- أقْبِل على الله بقلبٍ خاشعٍ، يُقْبِل الله عليك بقلوب العبا): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ (مريم:71
- بشاشة الوجه.
- استثمار المواقف الطبيعية في التعرف على (زملائك في الدراسة- الجيران- مَن يصلي بجانبك).
- اصطناع مواقف تتمكن عن طريقها من التعرف إلى من تلقاه.
واليك بعض المحاذير:
- الانطباع الأول يدوم؛ فاحرص على أن يكون الانطباع الأول للناس عنك جيدًا.
- اهتم بمظهرك.
- اجتهد أن تحفظ الاسم في الحال.
- لابد من معرفة وسيلة تستطيع من خلالها مقابلته ثانية
تليفون- معاد آخر)
- كن متَّزنًا في مزاحك معه، ولا تسخر من اسمه أو سكنه.
والآن، إلى الخطوة الثانية في رحلة البحث عن صديق متميز وهي:
الاختيار:
بعد أن أعانك الله في تكوين شبكة من العلاقات الجيدة مع من تعرفت إليهم، تبدأ مرحلة أخرى مهمة للغاية، ألا وهي مرحلة الاختيار، واعلم أن حسن اختيار الصديق من البداية، يوفِّر عليك المشقة، ويساعدك على النجاح معه في النهاية، فإنك إن أسأت الاختيار من البداية، سوف يجلب ذلك لك المشقة والتعب طوال مصادقتك إياه؛ لأن (حسن الانتهاء من صفاء الابتداء) فعلى أي أساس نختار أصدقاءنا؟
في البداية ضعْ هدفًا، وهو اختيار إنسان جيد من دائرة التعارف، يصلح كصديق متميز، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال) "الناسُ كإبلٍ مائة لا تكاد تجد فيها راحلة" (مسند الإمام الشافعي.
الأصدقاء ثلاثة:
هنا يجب عليك تقسيم مَنْ تَعَرَّفْتَ إليهم إلى ثلاث فئاتٍ أخلاقية:
1- صاحبٌ أخلاقُه إسلامية، وهو: مَن يواظب على العبادات، ويخشى الله ويراقبه ويظهر عليه سمت الملتزمين.
2- صاحبٌ أخلاقُه أساسية، وهو( مَن يتميز بصفات الرجولة مثل: (الشجاعة- الكرم- الاتِّزان النفسي والعقلي- الوضوح- لا يحب الثرثرة- لديه روح المساعدة- يلتزم بكلمته- وقد لا يكون ملتزمًا بالطاعات.
3- صاحبٌ أخلاق جاهلية، وهو مَن لا يراعي لله حقًّا أو ذمة، ويُجاهر بالمعاصي ويدعو إليها ويتجنبه الناس لسوء خلقه.
وعند الاختيار ضعْ أمام عينك الأولويات التالية.
أولاً- ابدأ بصاحب الأخلاقِ الأساسية والإسلامية.
ثانيًا- صاحِب الأخلاق الأساسية فقط.
ثالثًا- صاحب الأخلاق الإسلامية فقط.
وعندما تختار، راعِ في اختيارك العوامل التالية:
1- ابدأ بالأكثر تميُّزًا من حيث المستوى الاجتماعي أوالتفوق الدراسي أو العملي والمؤهلات السلوكية.
2- ابدأ بالقريب من حيث الميل القلبي وتقارب السن والقرب السكني.
3- ابدأ بالأكثر استقرارًا من حيث التماسك العائلي والظروف المادية.
4- تمهَّل حتى تختبر صفاته الأساسية عن طريق محاولة الخروج أو اللعب معه حتى ترى حقيقة تصرفاته وحاول أن تُسدي له معروفًا وانتظر رد فعله عليه.
5- ابدأ بصاحب الذهن الخالي فلا تجهد نفسك مع صاحب فكر متجمد.
وإليك بعض المحاذير:
- إياك أن يَظُنَّ أنك تجمع عنه معلومات.
- إياك والجبان والثرثار والبخيل فإنها صفات يصعب علاجها.
- لا تختار الشخصية الانطوائية، أو ذات الظروف الحرجة اجتماعيًّا.
وهناك دلائل على حسن اختيارك هي:
- ازدياد إعجابك بشخصية من اخترت، واقتناعك بصلاحيته كصديق لك.
- موافقة أهلك ومَن حولك عليه كشخصية جيدة.
- وبعد أن اخترت صديقًا وفقًا لهذه المعايير تبدأ خطوة أخرى ألا وهي:
التقارب:
هو التقاء الأرواح وارتياح النفوس بعضها إلى بعض، وخفض الجانب ولينه والخوف عليه، والحب له، يقول تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: 159)، يقول أحد الصالحين: "إنَّ الحكيم هو مَن وفَّقه الله إلى أقْفَال القلوب ففتحها برفقه، وتعامل معها برحمته، واستحضر مشاعر الحب في مخاطبته إياها؛ حيث تلين القلوب القاسية، وتستقيم الجوارح العاصية، فما كان من القلب وصل إلى القلب، وما كان من اللسان لا يتعدى الآذان"، جرِّب هذا الأسلوب عند تقاربك مع الآخرين؛ لا سيما مع أصدقائنا، وزملائنا في العمل أو الدراسة ومع من حولنا وقبل ذلك مع أهلنا وإخواننا وأمهاتنا وآبائنا، وإليك- أخي- بعض النصائح والمحاذير الختامية:
- ابذر حبًّا تحصد حُبًّا.
- احذر أن تأمر أو تنهى أو تناقش أو تجادل، قبل أن تدخل القلب وتستقر.
- لا تتعجَّل قطْف الثمار قبل نضجها، ذلك (أنَّ مَنْ استعجل شيئًا قبْل آوانِه عُوقِبَ بحِرمَانِه)
وسائل عملية لتقوية الصداقة
هناك بعض الوسائل العملية إذا ما التزمت بها، فسوف تأتي- إن شاء الله- بنتائج هائلة منها:
1- استجلب حب الله بالتزام الطاعات والتوبة، يوفقك الله؛ وذلك لأنه لا تأثير لقلب ميت في قلوب الناس، ففي الحديث: "إنَّ اللهَ إذَا أحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: أنِّي أُحِبُّ فلانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّه جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أهْلِ السَّمَاءِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثم يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأرْضِ"، وإن من آثار الذنوب؛ وَحْشةٌ تحصلُ لاسيّما مع أهلِ الخيرِ مِنْهُم.
2- ادعُ الله مخلصًا أن يفتح لك قلوب العباد، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله قال: "القُلوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهُمَا كَيْفَ يَشَاءُ"، والدعاء سرُّ النجاح، ومَن عرفه وعمل به فقد فاز، فإن الدعاء سلاح المؤمن.
3- انظر للناس نظرة حب وإشفاق، والمس الجانب الطيب في قلوبهم وقابل الإساءة بالإحسان فإن العدو اللدود يتحول بهذا الخلق إلى صديق حميم.
4- اقض للناس حاجاتهم، فإنها صدقة لك عند الله، كما أنها بابٌ واسعٌ إلى قلوب الناس.
5- أكثرْ من الهدايا، فالهدية لها فِعْلُ السِّحر في النفس، فعن أبي مسلمٍ الخُراساني أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"، واحرص على أن تكون هديتك بسيطة في مناسبات ملائمة.
6- ادعه إلى تناول مأكولات أو مشروبات، سواء كان ذلك في العمل أو الدراسة أو حتى في بيتك.
7- الزيارة في الله، وتكون بناءً على دعوته وفيها تجنب إجهاده في واجبات الضيافة، وفي أثناء الزيارة تعرف إليه عن قرب، وإذا التزمت معه بما سبق، فسوف تجد أمامك مظاهر ونتائج تدل على نجاحك ومنها:
• تلهُّف الصديق لرؤيتك.
• يتحدث معك عن ظروفه الخاصة ومشكلاته وآماله.
• طاعته لك فيما تطلبه منه.
• حبه لقضاء وقته معك.
وبهذا تكون قد اكتسبت صديقًا جديدًا ومتميزًا، فحافظْ عليه ولا تفرطْ فيه؛ لأنه من الممكن أن يكون هذا الصديق سببًا لدخولك الجنة ورضاء الله- تعالى- عليك