الاهتمام بالتطوير الذاتي والمؤسسي
حديث فيه دغدغة فكرية ونفسية جميلة ؛ ذلك بأنه يعتمد على الأمل والطموح
بالدرجة الأولى ، فيرى المرء فيه آمالا في المستقبل بكل مراحله ، كأنه
يرى نفسه هناك بين رياض الأمل المنشود
هذه الدغدغة تحمس المرء على الدخول بكل إقدام ، يقودها الشوق للتغير للأحسن وللأجمل وللأفضل ، ربما بإرادة قوية وتفكير ، غير أن الغالب تكون في حنايا
النفس لا في أروقة العقل ، فما أن يسيرالمرء في الممرات حتى يجد السأم
والملل قد عاد لنفسه ، وباتت تلك الدغدغة مجرد وحشة في تلك الممرات
لم تعتد النفس أن تسير فيها ، فضلا عنجري وسبق واقتحام
*ونتحمس أحيانا في مشروع داخل المؤسسة ونتهلل له ، وما أن تمضي بضع
اجتماعات حتى نمل ، لأن العمل الجماعي فيه صعوبة ، ومخالفات للرأي ،
ورد قوي على رأيك ، وربما تهميش له ، وما يلبث ذلك العمل أن يفتر
وينتهي ، من بعد جهد وتعب قليل ، كأننا ما تحمسنا يوما له
*ويحرص أخ على ثني ركبه وطلب العلم ،وما أن يجلس لأيام وتبدأ فقرات عموده الفقري بالتعب ، حتى يبدأ الشكوى لأمه ، كأنه ما تحمس يوماً لما كان عليه
السرخسي الإمام وقد نطق بكل كتابه [ المبسوط ] وهو في البئر لتلامذته
وقد بلغ كتابه المجلدات الطوال ، وبمجرد تنمل قليلفي رجليه من
القراءة ، يبدأ في البحث عن مُلينات البَشرة ، ويترك إحناء
الظهر ، كأنه ما حلف يوماً بالله أن يكون نعم الطالب الأواب
بَصُرتُ بالراحة الكبرى فلم أرها ** تُنال إلا على جسر من التعب
*ويتعهد المرء منا بأن يقوم بعمل ما لله تعالى ، يجده في ميزان آخرته ،وتحركه أشواقه للجنان ، وما هي إلاخطوات حتى يصرعه الشيطان ، وينسى أن الشيطان هذا دوره ) لأقعدن لهم صراطك المستقيم ( ، وينسى رائحة الجنة ، ويخلد إلى الأرض ، ويتبع هواهفي الترك والتوقف .
إن العمل المستمر والنية الصحيحة هما جناحي الإرادة القوية ، التي تمضي وتسير
وتنطلق وتحلق في نسائم الرضوان ، لأن الإرادة في كيان الإنسان لا تتوقف ولا تنم ولا تكسل ، يحركها العقل الباطن ،وبهذين الجناحين ـ العمل والنية ـ يكون المسلم
مسلما حقا ، ومن غيرهما لا يكون إلا الغثاء .
وهن في الهمة وميل إلى الدنيا وملذاتها ، ووهن في الهم وتشعبه في أودية الحياة السحيقة ، ووهن في الفكر وضحالة ماء العقول ، ووهن في الإرادة ونتف كل
ريش جناحيها حيناً بحين ، ووهن في العاطفة وصدق معانيها ، ... ثم
تريد أن تصل ؟!؟
واعرف لرجلك قبل الخطو موضعها ، وفتش في نيتك ، وكن الصادق في عهودك مع
الله
وفقكم الله واصلح حالكم