بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني وأخواتي اسمحوا لي أن أحكي لكم قصة أتذكرها تمامًا تلك القصة كانت أول موعظة أتلقاها في حياتي.
كنت تقريبا في المرحلة الابتدائية ربما في الصف الخامس أو السادس الابتدائي، عندما مررت بتلك الموعظة التي كانت انطلاقة أو تحول أو لفتة جميلة وقوية انطلقت على ضوئها في حياتي.
في بيتنا الذي كنت أسكن فيه كانت تسكن معنا جدتنا لوالدي، وجدتي مشاء الله كانت معمرة سنا بلغت من العمر نحو 140 سنة واحنا نراها وأنا كنت أنظر إليها بتأمل في الحقيقة وهي تبلغ من عمرها 140 وتنتقل وتأكل وتشرب وتجلس وتقوم وتضحك وتبتسم وتحدثنا وتمازحنا وتلاطفنا ثم تصلى عندما تأتي وقت الصلاة وكانت في الحقيقة عنصر جميل في داخل أسرتنا وعضو فعال في داخل أسرتنا باعتبار العمر الذي مضت به واستقت فيه الخبرات العديدة.
يوم من الأيام رجعت بعد صلاة المغرب إلى البيت وكنت صغير في السن وكنت ألعب في الطريق حتى وصلت البيت والدي كان في حينها كان مسافرًا إلى خارج المدينة التي كنا نسكن فيها بنحو ساعتين أو أكثر.
دخلت البيت لا يوجد فيه أي أحد من إخواني والتفت فإذا بوالدتي تبكير ما شأنك إيش صار ما الذي حصل، قالت جدتك قد توفاها الله سبحانه وتعالى، أنا أول مرة في حياتي أسمع عن شخص يتوفي فضلا عن أن أراه أو أشاهده وأنا كنت في الخامسة الابتدائي تقريبًا، المفاجأة الآن والدتي قالت لي لا يوجد أحد في المنزل واتصلت على والدك وسوف يحضر، أريدك أن تدخل إلى غرفتها وتجلس إلى جوارها وتقرأ القرآن بالقرب منها بصوت مرتفع.
أنا .. قالت نعم لي ما في رجل غيرك في البيت .. فألقت على عاتقي مسئولية عظيمة أنا الآن خائف أصلا أن أخرج من البيت ميت في البيت وجدتي التي أحبها أخذت مصحف ودخلت إلى الغرفة قالت سأجلس إلى جانبك دخلنا وجلسنا إلى جانبها وهي طبعا مسبلة العين وقد غطتها والدتي بدأت أقرأ القرآن الكريم بصوت مرتفع ووالدتى بجوارى، شيئًا فشيئًا سمعت صوت الهاتف يبدو أن والدي اتصل أو شئ من هذا القبيل، فخرجت والدتي من الغرفة .. أنا الآن خشيت أن أخرج توصم تلك الحادثة عارًا في سيرتي الذاتية أنني خفت في ذلك اليوم فبقيت أقرأ القرآن، ولكن كانت فرائسي ترتعد كنت خائف بكل ما تعنيه كلمة خائف بكل ما تحمل من هذه الحروف كنت أجده في نفسي ومشاعري وكنت أقرأ بصوت مرتفع أقاوم الخوف برفع صوتي في قراءة القرآن الكريم وأنا أجد أمامي .. الآن نسيت أنها جدتي ونسيت كل شئ وتذكرت شيئًا واحدا أنه ميت أمامي .. بدأت أقرأ القرآن بصوت مرتفع لنحو نصف ساعة يبدو أن والدتي هربت ووضعتني في هذا الموقف لوحدي سامحها الله على كل حال.
بقيت أقرأ القرآن بعد نصف ساعة تقريبا جاء أحد إخواني الذين يكبرونني سنًا ثم جاء بعض أقاربي إلى المنزل وبدأ المكان يمتلئ بالقادم من هنا أو هناك.
توقفت وخرجت من الغرفة ... مائة وأربعين سنة أتفاجأ بأن جدتي تموت تلك الحادثة لطفل في الثامنة من عمره كانت حادثة غير اعتيادية .. ثم أجلس إلى الجنازة وأنا وإيها في غرفة واحدة ثم أقرأ القرآن لمدة نصف ساعة كانت أيضا مرحلة غير اعتيادية وكانت دقائق ثقيلة كنت أشعر بكل دقيقة وكأنها ربع ساعة في الحقيقة أو لتقل نصف ساعة حتى ... لكن تلك الحادثة تركت في نفسي أثر بالغ جدا خرجت من الغرفة ولسان حالي يقول ... كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول ... وكأن المستقبل البعيد ارتسم أمامي وأنا في ذلك السن الصغير المبكر، فسألت نفس وقلت هل سأعيش كما عاشت جدتي 120 سنة 140 سنة أقل من ذلك 100 سنة نحن نعرف 100 سنة كتير كيف 140 سنة 70 سنة 60 سنة 200 سنة كان هذا السؤال يتردد في عقلي، قلت هل سأعمر إلى أي درجة يمكن أن أصل وبعد ذلك ماذا سيحدث يومًا على آلة حدباء محمول سيصير حالى كما صار حال جدتي التي ماتت بعد 140 سنة كانت موعظة بالغة.
وتم بناء عليها استراتيجيات كثيرة جدا في حياتي ورؤى كثيرة جدًا في حياتي أصبح الأمل أمامي مفتوح لكن النهاية حاضرة.
هذا ما أردت أن أحدثكم به إخواني وأخواتي إذا كنا نستشرف الحياة بأمل وتفاؤل ولكن نعرف دائمًا أن النهاية ربما تكون قريبة ربما الآن وربما بعد لحظة وربما بعد يوم وربما بعد سنة هي قادمة لا محالة عند ذلك سنجعل الدنيا مزرعة للآخرة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن تبيض وجوههم عندما نلقاه سبحانه.
ونلتقي أحبة .
(منقول)
الخميس فبراير 21, 2008 4:32 pm
