شرح وتحليل القصيدة بقلم الشاعر والناقد تركي الصخري
توطئه:
الشاعر ناصر الفراعنه ..شاعر تفرّد بإسلوب ومنهج شعري مختلف .يمزج فيه بين نطق المفرده العربيّه (مشكّلة) بحركاتها وتنوينها..وبين الشعر النبطي بألفاظه الدارجه
ويعطي لظهور موسيقى النص في قصيدته اهميه مضاعفه من خلال ابرازها بطريقة القاءتتفق كثيرا مع شكل قصيدة ناصر الفراعنه
هذا من ناحية الشكل ..أما من ناحية المضمون ..فيعتبر ناصر الفراعنه ..في مرحلة وسط بين الرمزيه .من خلال استخدام رموز تاريخيه .., وسياسيه ..من ثقافتنا العربيه الإسلاميه ومن خارجها ايضاً ومن ثم إسقطها على الواقع ..بطريقه لا لبس فيها
لدى ناصر الفراعنه نزعه واضحه ..في الذهاب الى حيث لايذهب الآخرون من خلال الكتابه في مواضيع تتصف بالغرابه ., والبعد الأسطوري وهناك من يرى انه ..اجاد بهذا ., وهناك من يخالف هذا التوجه
أجواء النص
1-قيلت هذه القصيده لناصر الفراعنه في المرحله الأخيره من مسابقة شاعر المليون بمعنى ان الدرجات التي تحسب لها ستأثر في نيله لجائزة هذا البرنامج الشعري او عدم نيله لها..
2- في المرحله السابقه ..وجّه انتقاد وليس نقد للشاعر الفراعنه في قصيدته السابقه (يا منيره) من الطبيعي ان تحتوي اي قصيدة شعر على مواطن جمال ., واماكن ضعف
ومن الطبيعي .ان يكتب الشاعر قصيده دون مستواه المعروف .او حتى دون المستوى المطلوب في العموم ولاكن ليس من الطبيعي ..ان يخرج النقد عن دائرة العقل والمنطق .ليصل إلى دائرة الإنفعال العاطفي ..والقدْح المباشر ..في الشاعريه.وامام عين الشاعر
وكان لنقد احد اعضاء اللجنه ..في الحلقه السابقه .تأثير كبير في القصيدة التي بين ايدينا من داخل النص
بداية النص ..
اتت من حيث انتهى الكلام في الحلقه السابقه وحيث وجه .الإنتقاد المباشر الذي اشرنا اليه ومن هنا اتت (دندنة الفراعنه ) على سبيل التحدي ., واثبات انه شاعر ..بإمكانه ان يدندن عنوةً .وعن قصد ..وعلى مسامع الملأ.دون ان يكون ذلك مثلب في قصيدته وقد ابدع في ذلك من ناحيتين .
الناحيه الأولى
تبرير الدندنه قبل البدء بها.. فأنت عندما تقول ((ادندن دن دندن دن دندن!)) لا تعطي اي معنى على الإطلاق .... وكيف لك ان تبرر مثل هذا الشطر..؟ وفيما لو لم تبرره .فأنت تضع نفسك في خانة المجانين!! ولاكن بالعوده الى مطلع القصيده
تلاوة كاهن ..او نفث قاري = يصدري يوم اجر الصوت ساري
في تلاوة الكهنه..الشيء الكثير من الدندنه وتقطع الصوت..ومعاودته بطقوس غريبه أو نفث قاريْ ..في حال الرقيه ..او ما شابه .فهو يقرأ ايات معينه ويكررها .ثم يتوقف وينفث وهكذا.. وهذا ماكان يعتمل .بصدر الشاعر .., وهو يجر صوته ويتغنى بهذا الشعر .وهو قادم به
اما الناحيه الثانيه
فهي التبرير فيما بعد الدندنه بإيراد الشبه بينه وبين جاره الشاعر الدندان مثل ما دندن الدندان جاري بكل براعه انجز الشاعر مهمته في .الإنتصار لنفسه .. والدندنه ..كما يريد ..ولاكن بتبرير رائع .لا يستطيع احد ان يعترض عليه بل انه محط اعجاب ., ودليل على مقدره شاعريّه وتمكن بعد ذلك مزج الشاعر وصفه للغيم ., بوصفه لشاعريّته الغزيره واكّد ذلك في الأذهان بشكل مباشر لا مراء فيه حينما قال
تجلهم .ثم تدلهم ثم اكلهم..
وكذلك برر الفراعنه وصفه لهذا الغيم . بجدْب الارض ومحولها ..والأمر .لايخلو من التبطين ايضاَ
والقصيده بإستثناء ابياتها الصريحه الأخيره في وصف الشيخ زايد رحمه الله ..
اتت تحمل معنيين .. معنى ظاهر..ارض قاحله .مجدبه ..يدعو الشاعر ربه بأن يمطرها بوابل من الغمام الذي يصفه ..خلال كثير من ابيات القصيده
معنى باطن ..وهو شاعر غزير ..قدم إلى حيث المكان خاوي من الشعر والشاعريه فسكب عليه من فيض شعره ومشاعره .., ثم لم يكتفي بهذه السقيا..! حينما حاول الآخرون ازعاجه فأستحال الامر الى عصف وريح ..والى وصف مرعب
ولا جـل البـرد وبلـه وهـلـل=و كلّ مـاء يالماشـي حـذاري محاذيف البـرد كبـر الجماجـم=واصغرها مثـل روس الحبـاري
على السائر في هذه الأرض التي اصبحت كلها ماء ان يحذر من قدوم السيل الذي سيبتلعه في حال وقوفه بدربه.
محاذيف البرد كبر الجماجم !! صيغة مبالغه جاءت للدلاله ..على الغضب .وليس على قوة الرجاء في نزول مطر غزير .!! يسقي الارض
هنا أخطأ الشاعر تركي في تحليله للبيت الثاني ونورد تحليل abdulrahman وهو أحد الأعضاء في منتدى الجار ((( فللوهلة الأولى .. تظن ان ناصر دعى ببرد أكبرها كــ" كبر الجماجم " وأصغرها كــ " روس الحباري " ! وتسأل نفسك بأن بردا بهذا الحجم هو " عـــــذاب " ! فهي مهلكة للحرث والزرع والعشب و للبهائم و " للأوادم " أيضا !! فبرد بهذا الحجم يقتل كل ما يسقط عليه !!
فليس من المعقول ان ناصر يطلب من الحضور أن يؤمنوا على عذاب يعم شبه الجزيرة !!
ولكن لنتأمل قليلا مع هذه الصور المركبة والمعقدة .. والوصف الدقيق جدا جدا الذي شمله هذين البيتين :
فناصر .. في بيته الأول دعى بسقوط البرد على " شبه الجزيرة " لترتوي الأرض .. وتسقى العباد .. فلو أطلقها عامة هكذا بدعوته في البيت الأول لأصبح حجم وكيفية البرد متروكة دون تقييد .. فالبرد قد يكون نعمة من الخالق .. وقد يكون عذابا على أقوام !
ليأتينا شاعر مضر ... بالتقييد في البيت الثاني .. واعتبره قمة ابداع ناصر في هذه القصيدة !!
فعندما قيد الوصف في كامل البيت الثاني بكلمة " محاذيف البرد " .. فهو اذا يصف موقع البرد من الأرض عند وصولها اليها !! وليس البرد نفسه !!!!!
وعندما قلت انه وصف مركب .. فتأمل معي .. انه لأجل ان يكون لـــ " محاذيف البرد " شكل شبه دائري .. لا بد ان تكون الأرض ممطورة اصلا قبل .. وناقع فيها الماء .. ليشكل لنا الماء المتناثر جراء سقوط حبة البرد دائرة كـــ " كبر الجماجم " وأصغرها دائرة كـــ " روس الحباري " .. وهذا الحجم المثالي للبردية .. التي يتمناها صاحب أي زرع او صاحب أي درع !! )))
وفي اخر القصيده ..يدعوا الشاعر ان يعم الله بنفع هذه السقيا بلاد الجزيره العربيه ..قيسيها ..ويمانيّها..
وكان الشاعر بالفعل .قد ادرك ما يريده ..من معناه السابق .ثم انتقل الى جو اكثر حميميّه
وقد ركز الفراعنه على الجمهور ان لاينسوا قول آمين .. ولو كنت هناك لقلت رحم الله الشيخ زايد آمين !!!..وما كنت أمّنت على غيرها فالسقيا نوعين سقيا رحمه وسقيا عذاب ولكم ان تحكموا على وابل يأتي برده بكبر الجماجم ., وأصغره بجم رأس الحباري!!
الصور الجمليه في القصيده
صوره جميله ..حملها البيت الرابع من القصيده في وصف الريح التي تمر بارض مجدبه كأن الريح فيه وحوش غابٍ = تحاور في حشى صدري حواري
وهذا ما نقصده حينما نقول انها ارض موحشه ..وهو مفهوم ان نستوحش من ارض او ريح او غيرها .., وهذا البيت ماهو الا تفصيل لهذا الوصف
صوره اخرى في يحوف الشمس لين الشمس تصغر= شوي اشوي مثل عين البخاري
وهذه جرأه في الوصف ..رايت ان البعض اخذ يضحك منها ولم ينظر لها يمنظور جرأة الوصف وبراعتها ..فليس بها تشبيه ذم يدعونا للضحك وإنما هو وصف مجرّد ..يتصف بالجرأه
صوره جماليه اخرى ..اشبه بلوحة مرسومه .سنى شفـق بـه رمـق تدلـى=سويعة مغرب من فوق صـاري
وهذا من اروع ابيات القصيده وأكثرها شاعريه وهو في وصف الفتره التي تعقب المطر وقد افترض الشاعر بأن يكف الوابل قبيل المغرب ...ثم رسم هذا المنظر البديع
صوره اخرى رائعه صدى اصواتها في كـل ضلـع=تلاميـذ تـردد خلـف قــاري بطيعة الحال هو يقصد
صوت صدى الرعود .وهو يتردد في الجبال وقد وصفه ..بصوت التلاميذ وهي تررد خلف قاري الذي يفترض انه صوت الرعد
أما بالنسبه للمحسنات البديعيه فهي كثيره في النص .. ولاكنها بالفعل ..اتت في سياق المعنى وان كانت في بعض الأحيان اشغلت الشاعر عن رسم مزيد من الصور الإبداعيه بكل حريه
هذا بعض منها وهي ضعف ذلك..وقد بالغ الشاعر بها موسيقى النص كانت ملائمه له كثيراً. وساعدت الشاعر على الغناء . دون ان تزري بوضوح المفرده وقد كتبت القصيده على بحر الصخري ., وهو بحر عرف بأنه البحر الحزين ولاكن الشاعر هنا ..اراد بإعتقادي الإستفاده من حريّة الشطر الأول من القافيه لكي يجد مساحه اكبر للتعبير ومن وجهة نظري الخاصه وفق الشاعر في هذا النص مع وجود بعض الملاحظات في تكرار اللفظ فقط لاغير ومع الأخذ بالإعتبار بأن ناصر الفراعنه قادر على كتابة الأجمل اسف على الإطاله .. وارجوا ان يكون فيما كتبت ما يستحق الإهتمام
اتمنى انها تعجبكم
S O H M A N مرتقي فعال
عدد الرسائل : 896 العمر : 35 الاسم الحقيقي : سهيل بديوي تاريخ التسجيل : 10/02/2008
موضوع: رد: تلاوة كاهن السبت يونيو 28, 2008 2:44 pm