حكم من يدعون قدرتهم على شفاء الناس
من الأمراض المستعصية
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله :
يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها ،
ويدّعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر ،
أو قطع السنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم ، وهؤلاء منهم من يصلي ومنهم من لا يصلي ، وكذلك يحلون
لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم وعند دعائهم للمرضى يقولون : ( يا الله يا
فلان ) ) أحد أجدادهم .
وفي القديم كان الناس يكبرونهم ويعتبرونهم أناساً غير عاديين وأنهم مقربون الى الله ، بل يسمونهم رجال الله ،
والآن انقسم الناس فيهم : فمنهم من يعارضهم وهم فئة الشباب وبعض المتعلمين . ومنهم من لا يزال متمسكاً
بهم وهم كبار السن وغير المتعلمين ،
الـجــواب : هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة وهم أيضاً من جملة
العرافين الذي قال فيهم النبي (صلى الله عليه وسلم): " من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة
أربعين يوماً " وذلك بدعواهم علم الغيب وخدمتهم للجن وعبادتهم إياهم وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من
أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون : ( قَالَ أَلقُوا فَلَمَّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النَّاسِ
وَاستَرهَبُوهُم وَجَاءُو بِسِحرٍ عَظِيمٍ ) {الأعراف 116 } فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله
(صلى الله عليه وسلم) :" من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه
وسلم) " وفي لفظ آخر : " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله
عليه وسلم) " . وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله أو زعمهم أن أباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون
أو يشفون المرضى أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الأكبر ،
فالواجب الإنكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم ، لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل
الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن
والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم أو من أناس آخرون يزعمون أن لهم ولاية
أو لهم كرامة ، بل كل هذا من أعمال الشعودة ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر .
وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم فكل هذا تمويه على
الناس وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم ،
فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن سحرة فرعون : ( يُخَيَّلُ إِليهِ مِن
سِحرِهِم أَنَّها تَسعَى ) { طه 66 } فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين
الشركالأكبر والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون ، وهذه
أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب
الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه : ( قُل لا يَعلَمُ مَن فِى السَّمَواتِ والأَرضِ الغَيبَ إِلاَّ اللهُ ) { النمل 65 } .
فالواجب على جميع المسلمين العرافين بحالهم الإنكار عليهم وبيان سوء تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم الى
ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعاً حسماً لشرهم وحماية للمسلمين
من أباطيلهم وتلبيسهم . والله ولي التوفيق .