إن القعود والهوان والراحة سمات لاتكلف الإنسان شيئاً من حياته أو وقته ولكن العزة والفخار والمجد والكرامة لاتطلب إلا في مضانها فهي اتعاب
للبدن وإعمال للذهن وبذل للنفس وتضحية بالمال واشغال للوقت وتقليل للنوم وزهد في الراحة , كل هذا وأكثر ضريبة ومهر للأمجاد والخلود ,
وهكذا هم سادة الدنيا ورعاة الدين باعوا نفوسهم لربهم ومضوا ليبنوا للأمة صرحاً .. وللإسلام تاريخاً . هنيئاً ثم هنيئاً لمن كان منهم فهو السعيد
والله .. وهو الملهم والموفق .. وهو التراب الذي ينبت الزرع .. والأرض التي تحمل المباني .. والجبال التي ترسي الأراضي .. وهو الماء
الزلال لإخوانه .. والسم الزعاف لاعدائه .. وهو حبيب للرحمن عدو لدود للشيطان
وإني لأشهد وأعلن أن محمد اقبال كان من هؤلاء الرواد والبناة الذين خدموا دينهم , فقد ولد محمد اقبال شاعر العصر وفيلسوف الإسلام في ذي
الحجة عام 1289 هـ بولاية بنجاب . تعلم اقبال كتاب الله في الكتاتيب ودرس على يد الأستاذ مير حسن فنبغ اقبال في تلقي العلوم ، وكبر ,
وكبر هم الإسلام معه وشارك في مؤتمر القدس الإسلامي عام 1932 م في القدس لنصرة فلسطين الحبيبة . لم أرد أن أترجم في هذا المقام
لاقبال ولكن أردت أن اعرض صوراً من عاطفته تجاه أمته , وأن انقل شدوه بأمجاد أمته . فتأملوا يا شباب الصحوة هذا الشعور . فهو والله يهز ا
لقلب هزاً ويعلم الإنسان مبدءاً ويستحث النفس لخدمة الدين بأي وسيلة . فهيا لنبحر مع اقبال في هيامه بأمته وولوع قلبه بتحريك قلوب المسلمين
تجاه قضاياهم :
شكواي أم نجواي في هذا الدجى & ونجـــوم ليلي حـــســـدى أم عــــــودىِ
فإلى مــتى صمــتي كــأني زهــــــــرة & خــــرساء لــــــم ترزق بــــراعـــــــــة منشدِ
أشكــــو وفي فمــــي التراب وإنــــــما & اشـكــــــــــو مـــصـــــــــــــاب الدين للديانِ
قــــــد كان هذا الكــون قبل وجودنا & روضـــــــــاً وأزهـــــــــــــاراً بــغـــير شمـــيــمِ
بـــل كــانت الأيــــــام قبل وجــــــودنا & ليــــــــلاً لظالمـــــــــها وللمـــــــــظلـــــــــومِ
لمـــــا أطــــل ( محمد ) زكــت الربــى & واخـــــــــضر في البستان كـــــــل هشــــيمِ
مـــن قــــام يهــتف باســــم ذاتك قبلنا & مــــن كــــان يدعــــو الواحـــد القـــــهارا
عبـــدوا تماثيل الصخـــور وقدمــــــــوا & من دونـــــــــك الأحــجـــار والأشـــجـــارا
هــل أعلــــن التـــــوحيد داعٍ قبـــــلنا & وهــــــدى الشعـــــــوب إليك والأنظـــارا
كــــنــا نقـــــــدم للسيــــوف صــــــدورنا & لــــــــم نخــــــش يومـــــــاً غاشــــــما جبارا
مـــن ذا الذي رفـــــع السيوف لــــيرفع & اسمك فــــــوق هامات النجــوم مــــــــنارا
كـــــنا جبالاً فـــــي الجبال وربــــــــــــما & ســــــــرنا على مـــــوج البحــــــار بحـــــارا
بمــــعابد الإفــــرنج كــــــــان آذانــــــــنا & قبــــــــل الكــــــــتائب يفــتح الأمــــــصارا
لـــــم تنسَ إفــــــــــريقيا ولا صحـــراؤها & سجـــداتــــــــنا والأرض تـــقــــــــذف نــارا
وكــــــــأن ظــــل السيف ظــــل حـــديقة & خضـــــــــراء تنبـــــــت حـــــولنا الأزهــــارا
ندعـــــو جــــهاراً لا اله ســـوى الذي & صـــــــنع الوجـــــود وقـــــدر الأقـــدارا
ورؤوســـــــنا يا ربِ فـــــــــــوق اكـــفـــــــــنا & نرجـــــــــو ثــوابــك مغــــــــنماً وجـــــــوارا
كنا نــــــــرى الأصنام من ذهب فنهـــــــــ & ــــــــــــدمها ونهــــــــدم فوقــــها الكـــــــفارا
لــــو كــــــــــان غـير المسلمــين لـــحــازها & كنــــــــزاً وصـــــاغ الحـــــــلي والديــــــنارا